التعليم الاليكتروني بين الحقيقة والادعاء .

التعليم الاليكتروني بين الحقيقة والادعاء .  
يعرف التعليم الاليكتروني على انه عملية تقوم على توظيف الادوات والبرامج الاليكترونية في خدمة العملية التعليمية ، بحيث يوفر بيئة تعليمية قائمة على التفاعل والمرونة في التواصل وسهولة في التحديث والمتابعة سواء كان ذلك داخل الصف المدرسي او باستغلال ادوات الاتصال عن بعد ، وهو بذلك يعد رافدا للعملية التعليمية وليس بديلا مطلقا عنها .

وحيث ينتظر من التعليم الاليكتروني تحقيق الاهداف التي ذكرت من زيادة التفاعلية ومرونة الاتصال والتحديث فان ذلك يتطلب حتما قدرة عالية على استخدام الادوات اللازمة لذلك من مهارات التصميم والبرمجة , والاعداد الذي يحتاج جهودا وبرامج للتحكم والسيطرة الكاملة التي لا تتوفر بالمطلق في وسائل التواصل الاجتماعي التي اعدت لاجل اهداف اخرى لا تتجاوز الاطلاع على الاراء المختلفة , في الوقت الذي تفتقر فيه لامكانية الفهرسة والمتابعة والقياس والرقابة والتحكم الكامل ..

ان اكثر ما يمكن ان تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي هو تحميل كم لا حصر له من الملفات الصوتية او النصية على عمومها , دون امكانية تنظيمها او التحكم بتحرير محتواها او الحصول على بيانات المتابعة والاطلاع والتقييم .. في فوضى مطلقة تفتقر للانتساب والمسؤولية ، حيث يحتاج ذلك لمساحات على الويب توفر امكانية التسجيل والانتساب والتقييم المباشر وكل ما يحتاجه المعلم التقليدي من التعزيز والتغذية الراجعة والحوار وقياس مستوى الاداء القبلي والبعدي واعطاء الدرجات وتوثيقها وتثبيتها ومراعاة الفروق الفردية ومتابعة التطور وقياس مدى تحقيق الاهداف  بالاعتماد على منحنى الانجاز.

في موقع الملتقى التربوي انظمة برمجية كلفت الوف الدولارات تشمل برامج منظمة لتقديم دروس ومحاضرات واختبارات ومواد ميديا صوتية ومصورة بما فيها دروس الاستماع ونماذج الاختبارات الشاملة ونظام حديث لتقديم الاختبارات عن بعد ، ومحتوى شامل لكافة مواد وصفوف التعليم المدرسي من الاول الاساسي وحتى الثاني عشربفروعه كافة ،،  الامر الذي جعله الموقع التعليمي الاول في فلسطين , و لم يكن كل ذلك كافيا لادعاء حيازتنا القدرة او الجهوزية لسد الفراغ الناجم عن تعطيل الدراسة الصفية او اعتبار ذلك ما يطلق عليه مصطلح التعليم الاليكتروني..
يحتاج التعليم الاليكتروني الى ضبط الصفوف , ومتابعة المنتسبين , وقياس مهاراتهم التي اكتسبها كل فرد منهم وذلك ما يحتاج لقدرات كبيرة  يشق على افراد عاديين امتلاكها .
لو كان التعليم الاليكتروني بديلا ناجحا , او كان يمكن توفيره بهذه السطحية  التي يدعيها البعض لما احتاجت الدول لعشرات الوف المعلمين والمدارس والكتب والصفوف التي تكلف قسطا كبيرا من موازناتها المالية , فكان يكفيها بضع عشرات من المعليمين لتقديم تلك الدروس بما لا يكلفها عشر معشار ما يكلفه التعليم التقليدي ..

ان نشر الملفات والحصص المسجلة والتي تفتقر لكل شروط التعليم الاليكتروني التي ذكرنا , لا تعدو عن كونها حصص اثرائية غير ممنهجة وبعيدة كل البعد عن التخطيط والشمولية والتفاعل والقياس , عدى عن غياب الاشراف والرقابة اللازمين لتصويب الاخطاء وتحسين الاداء وتنمية القدرات .

كل جهد يهدف الى مواصلة العملية التعليمية وخدمة طلابنا في هذه المرحلة الحساسة هو جهد مشكور , ولكن يجب علينا ان نضع الامور في نصابها الصحيح ,فتسمية الهزيمة بالنكسة لا ينفيها , وادعاء القوة لا يحقق الانتصار, تماما كما ادعاء ان ما نراه اليوم تعليما اليكترونيا بديلا محض هراء .

الكاتب: داود ابو مويس
كتب المنهاج الفلسطيني - المناهج الفلسطينية - داود ابو مويس - الأحد 15 / 03 / 2020 - 03:43 مساءً     زيارات 988     تعليقات 1
عرض الردود
أضف تعليقك




تسجيل الدخول