علم الرياضيات .. فرض كفاية
حزمة من فروع العلوم المرتبطة بعلوم اصيلة ، تم اقتباسها وقولبتها في بوتقة واحدة سميت باسم الرياضيات..
فالحساب بعملياته الاولية بما حوى من جمع وطرح وضرب وقسمة هو القاسم المشترك بين كل تلك العلوم ، وهي وحدها فقط ما يحتاجه عامة الناس ، وان الولوج لما هو ابعد من ذلك لا يعدو عن كونه مهارات تلزم اهل الاختصاص وحسب ...
فالجبر والهندسة وقوانين الاحتمالات والاحصاء وبما فيها من خوارزميات وتفاضل وتكامل كلها علوم أقرب للنظرية غالباً ،لا يحتاج الانسان منها بحياته اليومية اكثر من حاجته لمعرفة ابجدية اللغة التي ييتحدث بها ...
ان محاولة البعض جعل الرياضيات معيارا للتفوق والذكاء ، وبابا شاقا يجب المرور عبره للولوج الى سائر العلوم هي محاولة غير سوية ، فكثير من مبدعي الرياضيات فشلوا بالذكاء الاجتماعي ، ومنهم من عجز في الصيلة او الطب ، ومنهم من يفتقر لمهارة التطبيق والممارسة للاعمال اليديوية ، فالعقل البشري اوسع من حصره باحد فروع العلوم ،منهم من اتقن اللغة و الادب ، ومنهم من اتقن الاعلام او الخطابة ، ومنهم من يحسن القيادة وفنون الادارة ، ومنهم ابدع في العمارة ، ومنهم من ابهر الناس بالاختراع والابتكار وكلها جوانب تعبر عن الذكاء بمجال دون غيره ...
لا يعني ما قلته الغاء الرياضيات من حياتنا ، فهي جزء مهم منها ، نمارسه كل حين ، تماما كممارستنا لفنون اللغة والتعبير ، وتماما كحاجتنا لمعرفة ظروف الطقس والجغرافيا، وهي كضرورة اخذ العبر والدروس من التاريخ وفصوله ، وكضرورة فهمنا للزراعة والصناعة واتقان المهارات المهنية ... ولكن لا يجب المغالاة في اي من تلك العلوم ، فنحن لا نأكل معادلات ولا نشرب تفاضل.. انما كما هو في سائر العلوم ، ففي فصولها ما هو فرض عين وهناك ايضا ما هو فرض كفاية ، وفرض الكفاية ملزم اهل التخصص وحسب ...
طلبة الفرع العلمي ليسوا طلبة رياضيات ، حيث سيتخرج من بينهم المهندس والمحاسب والمبرمج والطبيب والصيدلي ، تماما مثلما ان طلبة الفرع الادبي ليسوا طلبة لغة وحسب ، فسيخرج من بينهم الامام والاديب والاداري وغيرهم.
الاصل ان يتمكن الانسان الطبيعي من تجاوز الثانوية العامة ، التي يفترض ان يتمايز فيها الطالب المؤهل طبيعيا عن غير المؤهل وحسب ، بحيث يكون اختيار التخصص الجامعي وفق اختبارات استباقية تبين اهلية كل طالب للتخصص المختار من عدمه.

داود أبومويس