مع التحولات الكبيرة التي فرضتها القفزات الهائلة في التكنولوجيا والتطور والانتشار المعرفي والثقافي يدفع كل منها الاخر بما يشمل كافة مناحي الحياة، ازداد الاهتمام بتطوير ادوات ووسائل استخدام التكنولوجيا الحديثة والعمل على تحقيق التنمية المستدامة لتمكين البشر افرادا ومجتمعات من مواكبة هذا التطور, لا سيما التعلم الذاتي كاتجاه من اهم وجوه هذه التنمية والتعليم الاليكتروني كأحد اهم ادوات تحقيق هذا الهدف.
وبالرغم من تخوف البعض من ان تؤدي التكنولوجيا الى تجريد التعليم الرسمي من الطبيعة الإنسانية التي يتسم بها الا انه ومن خلال ملاحظة أداء الصغار واستخدامهم أدوات التكنولوجيا وتبادلهم للحوارات معا في فصول دراسية تفصل بينها مسافات بعيدة، فان ذلك قد يشير الى انه يمكنها أن «تؤنسن» البيئة التعليمية، وان قوى التكنولوجيا التي سوف تجعل من التعليم حتمية ضرورية هي ذاتها التي ستجعل منه شيئا عمليا وممتعا. (جيتس، 1998)
لقد تمكنت ادوات التكنولوجيا ووسائل الاتصالات والمعلومات من إحداث التغيير في العملية التربوية والنظام لتعليمي ككل سواء كان ذلك من خلال توفير الوقت او تحسين الجودة واتخاذ القرار, اذ لم يعد الهدف الاول هو الحصول على التعليم بقدر ما هو القدرة على اكتساب مهارات التعلم ذاتيا والحصول على المعرفة عن طريق توظيف التكنولوجيا في تطوير المهارات التعليمية. (العصيمي، 2023)
إضافة إلى ذلك فإن ازدياد المعرفة وتسارعها، والزيادة في إعداد المتعلمين، ودور التكنولوجيا الكبير في تطوير العملية التعليمية،وتيسير القدرة على اكتساب التعلم في مدة اقل واستمراره لأطول مدة ممكنة، زاد من اهتمام الأنظمة التعليمية بدمج التكنلوجيا في التعليم. (الحيلة،2004)
كما أن توظيف التعلم الاليكتروني فيأنظمة التعليم يؤدي لرفع درجة التعاون بين المعلم وطلابه، ويساهم في تحول المتعلمين من التعلم بطريقة التلقي السلبي الى طريقة التوجه الذاتي للتعلم، مما يساهم بتنامي روح المبادرة واتساع افق التفكير لدى الطاللب، ويخلق جانبا اجتماعيا ،ويساعد في تنمية مهارات التواصل عبر وسائط التعلم الاليكتروني.(الحلفاوي، 2011)
مفهوم التعلم الاليكترني
في عصر الحاسوب بدا التحول من التعلم التقليدي القائم على تلقين المعلومات وحفظها واعتبار المعلم محورا للعملية التعليمية ومصدر المعرفة الوحيد الى التعلم الالكتروني الذي يقوم على مبدأ التعلم الذاتي ومراعاة الفروق الفردية بين الطلبة, بحيث اصبح الطالب محور العملية التعليمية عبر بيئة تعليميه تفاعلية بين المتعلم والمادة التعليمية (بني دومي و الشناق، 2005)
يعد التعليم الالكتروني شكلا من اشكال التعليم الذي توظف في الشبكات المحلية او الخاصة او واسعه المدى مثل الانترنت والأجهزة التكنولوجية الحديثة لتقديم المادة التعليمية للمتعلمين مع تفاعلهم معها وتقديم المساعدة المباشرة وغير المباشرة لهم من خلالها, ويحدث التعلم بطريقه ما, بالاعتماد بدرجه ما على جهد المستخدم , وبتوجيه ما من خلال الكمبيوتر او شبكه المعلومات كجزء من المقرر التعليمي بوقت متزامن او غير متزامن (الغريب، 2009)
تطور التعلم الاليكتروني
يعد التعلم الاليكتروني استراتيجية تقوم على مبدأ تشجيع المتعلمين للعمل نحو التقصي والاستكشاف والمساءلة والبحث عن الحلول, ويلعب فيه المعلم دور الموجه والمرشد، ويتميز هذا النوع من التعليم عن التعليم التقليدي المألوف بانه يتيح للمتعلمين امكانية المشاركة الفعالة في العملية التعليمية والانتقال من التعليم الى التعلم، ليتحول المتعلم من كونه مجرد فرد متلقى للمعلومات الى كونه مشاركا فيها, من خلال الاعتماد على الذات وتحمل المسئولية وتحسين الاتجاه، وقد مر التعلم الاليكتروني في أربع مراحل (مصطفى.، 2014):
- مرحلة ما قبل 1983: واقتصرت على استخدام ادوات الاتصال بين المعلم والمتعلم في اوقات محددة.
- من 1984-1993: واستخدمت فيها برامج مثل النوافذ والماكنتوش والاقراص المدمجة.
- من 1994- 2000: ظهر الشبكة العالمية للأنترنت.
- من 2001 وما بعد : الجيل الثاني لشبكة الأنترنت وتصميم المواقع الاليكترونية وشاشات العرض والوسائط المتعددة وتطور الادوات التي خدمت التعليم الفصلي والتعلم الذاتي وصولا الى الفصول الافتراضية والمدارس الذكية.
التعلم الاليكتروني كطريقة للتعلم الذات
مع استخدام التكنولوجيا في عمليتي التعليم والتعلم، فقد أدى ذلك لتحسين نوعية التعلم، وتحسين فاعليته من خلال اتاحة المزيد من الفرص للأفراد لاكتساب الخبرة والتعرف على الفروق الفردية فيما بينهم، وتحفيز النشاط الذاتي لديهم، الامر الذي جعل من المتعلم نقطة ارتكاز العملية التعليمية، بعد ان كان التعليم متمركزا حول المعلم، وذلك لكون التعلم الذاتي هو عملية أساسية في حياة الفرد، تساعده على تحمل مسؤولياته وإدارة لشؤون حياته التعليمية، دون الاعتماد الكلي على المدارس والمدرسين. (عدائكة، مؤيد، و النعيمي، 2022)
أصبح التعلم الذاتي من اهم المهارات التي يسعى الكثيرون لاكتسابها في شتى مجالات الحياة، فمع تعدد مصادر التعلم المتاحة، تعددت وازدادت معها فرص التعلم يقابل ذلك أحيانا بعض العقبات، ومن ذلك كون التعلم الذاتي عبارة عن مهارة مركبة، مبنية على مجموعة من مهارات التعلم الأخرى، والتي يجب الجمع فيما بينها، من اجل اتقان مهارة التعلم الذاتي، وهذا ما يميز شخص عن اخر في محاولة لتعلم. (عوض، 2021)
مميزات التعلم الاليكترونييمتاز التعليم الاليكتروني بالعديد من الميزات اهمها :
1. يمكن للمتعلمين تعلم للمعلومات والمهارات التي هم بحاجة اليها.
2. لا يعتمد هؤلاء المتعلمين على البنية او الطريقة التي يحددها المعلم.
3. قدرة المتعلمين على التحكم بعملية التعلم تشكل محفزا قويا.
4. يتمتع كل متعلم بذات القدر من مستوى المشاركة في عملية التعلم، فهم مشاركون نشطون تقع مسؤولية التعلم على عواتقهم.
5. الاستخدام الفعال للوقت والذي يعود الى ان هذه الطريقة من التعلم تتيح للمتعلمين القدرة على البدء بدورات التعلم وانهاؤها في أي وقت.
6. القدرة على تنظيم أنشطة التعلم بشكل تسلسلي، اذا ان جميع مراحل التعلم تتطلب الوصول لأهداف محددة قبل الانتقال من مستوى الى مستوى تالي.
7. يوفر التعلم الذاتي للمعلمين القدرة على مزيد من الاهتمام بالمتعلمين الذين يحتاجون الى المساعدة مزيد من الاهتمام إلى المساعدة.
8. يعطي هذا النوع من التعليم امكانية الاحتفاظ بالأدوات والمواد واللوازم الأساسية المستخدمة عند الحد الأدنى لأنه قد يشارك واحد أو اثنان فقط في التدريب في وقت واحد. (Soyemi & Ogunyinka, 2012)
لا يعني هذا إهمال المهارات التقليدية مثل التواصل الشفهي والكتابي، انما يعني أننا بحاجة إلى الكفاءة باستخدام الأدوات التي أثبتت جدواها. والأهم من ذلك، أن مهارات التنقل والتطبيق هذه سوف تساهم في التفكير النقدي ومهارات حل المشكلات ذات الصلة بالمجال الرقمي والكثير من المجالات الاخرى. فالهدف النهائي هو المساعدة في تطوير طلابنا كمتعلمين ذاتيين ويشعرون بالارتياح مع الموارد اللازمة لحل المشكلة بحيث يتم تضمين المكافآت مقابل استكشاف هذه الموارد في المنهج الدراسي وباعتبار الطالب مكتشفًا مشاركًا للمعرفة مع المعلم المسؤول عن رؤية حدوث الاكتشاف. (Kandies & Stern, 1999)
انماط التعلم الاليكتروني:
تطورت انماط التعلم الاليكتروني بمواكبة التطور التكنولوجي, ومع اتساع رقعة انتشاره وتعددت صوره، لتشكل انماطا عديدة من انماط التعلم الاليكتروني, ومن ذلك:
- التعلم الإلكتروني بمساعدة الحاسوب: وهو التعلم الذي يتم من خلال توظيف برمجيات الوسائط المتعددة المتفاعلة داخل غرفة الصف أو عبر الانترنت وغالبا ما يتم تحميل المحتوى التعليمي على وسائط تحزين ويكون المحتوى تفاعليا مع المتعلم وتحت اشراف المعلم وتوجيهاته. (سرايا ع.، 2009)
- التعلم الشبكي (المباشر) :وهو التعلم الذي يتم فيه تقديم المحتوى التعليمي التفاعلي عبر شبكات الانترنت المختلفة سواء كان تزامنيا أو غير تزامني.
- التعلم التخيلي أو الافتراضي :لقد تم توفير فكرة الواقع الافتراضي في بعض المستحدثات التكنولوجية وخاصة برامج الوسائط المتعددة المتفاعلة التي يقدمها الحاسب, حيث يستطيع المتعلم أن يمر بخبرة شبه حقيقية تتيح له الإحساس بالأشياء الثابتة والمتحركة كأنها في عالمها الحقيقي من حيث تجسيدها وملامستها والتعامل معها, ويوفر التعلم الافتراضي عروضاً بانوراميه ترتبط بثلاثة مكونات تتمثل في حواس الإبصار والسمع واللمس, وما زالت المحاولات مستمرة لريطها بجميع أجزاء الجسم المختلفة من خلال لباس كامل يغطي جميع أجزاء الجسم ومن ثم توصيل مناطق الإحساس المختلفة والأعصاب بأطراف توصيل وأجهزة تغذية راجعة لإحداث اتصال مباشر بسطح بشرة المستخدم؛ مما يتيح معايشة الواقع الافتراضي والتفاعل المباشر معه.
- التعلم المدمج : هو نمط من التعلم الإلكتروني الذي يختلط فيه التعلم الصفي الوجاهي والتعلم المباشر التشاركي عبر الانترنت أو التعلم المعتمد على برامج الحاسب التفاعلية.
- التعلم المتنقل : نمط من التعلم الإلكتروني الذي يعتمد على أجهزة الاتصال اللاسلكية ليتمكن المتعلم من الوصول للمواد التعليمية في أي وقت وفي أي مكان وبشكل تشاركي مع الآخرين.
- التعلم المنتشر :هو نمط التعلّم الإلكتروني المتواجد بصفة دائمة وفي كل مكان ولكن لا نشعر به, ويمكن الوصول إليه بسهولة عبر ادوات مثل (حاسب الجيب. الجوال. جهاز المساعدات الرقمية الشخصية وجهاز قراءة الكتب الإلكترونية) . احمد (2016)
كذلك تطورت الادوات المستخدمة وطرائق التعلم والتعليم الاليكتروني, وتعددت مستوياته ، وبين الغريب (2009) ان التعليم الاليكتروني يمكن وضعه في ستة مستويات هي :
- قواعد بيانات المعرفة: وهي اهم اشكال التعلم الاليكتروني, تقدمها المواقع التعليمية الاليكترونية, على نحو يمكن لأي شخص الوصول اليه, متضمنة برامج ومهام وخطوات منظمة واختبارات.
- المحاضرات الاليكترونية: من خلال طرح الموضوعات المناسبة لسن الطالب ومستواه التعليمي عبر الانترنت، وتتميز بانها تشجع الطالب على البحث والمعرفة لبحثه في قضايا يطلب منه عادة جمع المعلومات حولها.
-التعليم المتصل: ويقصد بذلك تيسير عملية تبادل المعلومات والاستفادة من خبرات الاخرين, ما يمنح اعضاء هيئة التدريس امكانية تغذية معارفهم واحاطتهم بالمحتوى الاليكتروني والطرق والاساليب وغيرها.
- الدعم بالاتصال المباشر: ويكون ذلك من خلال المناقشة الحية عبر مجموعات ، او من خلال محادثات عبر برمجيات شبكية او باستخدام البريد الاليكتروني.
- التدريب الغير متزامن: من خلال شبكات الانترنت او الشبكات الداخلية.
- التدريب المتزامن: وتم ذلك اثناء تواجد عضو هيئة التدريس في الموقع الاليكتروني وتعامله المباشر مع المتعلمين وزملائه من اعضاء هيئة التدريس.
ويمكن للتعليم الالكتروني ان يتم من خلال استخدام التقنيات المتاحة على الانترنت على مستويات عده ابتداء من وضع صفحات ثابته على شبكة الانترنت يطلع في الطالب ذاته على معلومات معينه اعدت من قبل المدرس او المدرب كما يمكن ان تقدم المادة التعليمية على شكل كتاب الالكتروني على قرص مدمج، وفي هذا النوع من التعليم لا يوجد اتصال مباشر بين كلا من الطالب والمعلم او الطالب والدارسين معه، ويمكن تطوير ذلك من خلال التقنيات التي يتيحها الانترنت، على سبيل المثال تقنيه المحادثة بحيث يتمكن الطالب او الطلبة والمدرسين اجراء محادثات حيه في موضوعات المقرر الدراسي، كذلك يمكن ان يستخدم المعلم تقنيه الحوار والمنتديات، بحيث يتواصل الطالب والمدرس من خلال وضع الآراء والتعليقات والواجبات على الانترنت. (الطحيح، 2011)
يعتمد هذا الأسلوب من التعليم على مفهوم التعلم الذاتي، الذي يتحمل فيه المتعلم مسئوليات أساسية في تدريب نفسه والوصول الى المعارف والمهارات وكذلك تحديد احتياجاته من اجل تنمية وتطوير أدائه ، وتتحدد انواع التعلم الاليكتروني في ثلاث:
- التعليم الاليكتروني المتزامن: ويكون فيه الاتصال بين المعلم والمتعلم لحظي ومباشر.
- التعليم الاليكتروني الغير متزامن: يضع المعلم فيه المصادر والخطة لتعليمية والتقييم على الموقع التعليمي, ويمكن للمتعلم الوصول لها في الوقت المناسب له.
- التعليم الاليكتروني المدمج: ويكون فيه استخدام للطريقتين معا وهذه الطريقة هي الاكثر شيوعا. (اللوقي، 2012)
الكاتب : داود ابو مويس
المراجع :
فاعلية موقع تعليمي على شبكة الإنترنت في تنمية مهارات التعلم الذاتي لدى طلاب الصف الثامن الأساسي