المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل تعرف ماهوا كفن الحب ؟



ساندي ابراهيم
2012-01-29, 20:49
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



في الزمن غير المسطور في كتاب..
كانت هناك قصة حُبكت على أعتاب الحياة...
شهد ذلك الزمن ولادة طفلة... وبعد أن أبصرت نور الأرض..

قالوا لوالدتها: " لن تعيش "

تحطمتْ لدى كلماتهم... وذرفت الدمع الحزين.....
أدخلوا صغيرتها داخل غرفة زجاجية تليق بـــ ذلك الجسد الصغير...
هي تراها تتنفس... وبالرغم مما يحيطها من أجهزة دقيقة وكثيرة
قالت لهم: " ابنتي لن تموت... ما دامت تتنفس "

صبّرها زوجها وهو لا يكاد اصطبار.....

.
.
.
.

شهر واحد ووالدتها لم تفتأ من زيارتها...
ولم تكلّ من التمسك بخيوط الأمل الذي تشبثت بهم بقوة...

شهر واحد ولا تزال الصغيرة تحت رحمة الله...

.
.
.
.

تعاقبت صفحات الزمن... فتوقف عند صفحة " الأمل "
فبعد اسبوع من انقضاء الشهر... رنّ جرس الهاتف...
وكان الطبيب يقول للوالد:
بـــ إمكانك المجيء للمستشفى لـــ تنهي أوراق صغيرتك لـــ تستلمها
فـــ الصغيرة تعدّت مرحلة الخطر وهي الآن بخير...

لم يصدق الوالد ذلك... إلا عندما ذهب لـــ معاينة ابنته...
فـــ حين رآها وأمسكها لـــ أول مرة بيديه... قال فرحاً: يا لرحمة الله !!!

كان كل شيء فيها طبيعياً...
وكأنها لم تكن حبيسة تلك الغرفة الزجاجية وتلك الأجهزة
قبّلها... وضمها طويلاً... وراح يذرف دموعه باسترسال....

وقال بصوت امتزج بالألم: سامحيني يا ابنتي لأني لم أزركِ...
سامحيني لأني تخليتُ عنكِ، فـــ أنا ياصغيرتي لم أرد أن أتعلّق بكِ...
لـــ أُفجع بعدها بـــ موتكِ
آآآه يا صغيرتي... كيف عساي أكفر عن خطيئتي ؟!!!

.
.
.
.

أعطاه الطبيب موعداً لـــ يُحضر فيه الطفلة حتى يطمئن أكثر على سلامتها

.
.
.
.

جاء الطبيب للغرفة...
أخذ يتفحّص الطفلة ويحرّك سماعته على جسدها...
وراح يقلّبها تارة على اليمين وأخرى على الشمال

بعدها سلّمها لوالدتها... وجلس على كرسيه ليكتب في ذلك الملف الموجود أمامه

سأله الوالد عن حالها فـــ طمأنه...
وبعد انتهاء الفحص... وحين همّ الوالد بـــ الخروج...
استوقفه الطبيب وطلب منه البقاء قليلاً
معللاً ذلك أنه سيتحاور معه حول الدواء الذي سيصفه لـــ الطفلة...

خرجت الأم وبقي زوجها... وراح يتفرّس ملامح الطبيب...
بعدها قال: دكتور... ما بها ابنتي ؟!!!! أهي بخير ؟!!!

قال له الطبيب مهدئاً: لا تقلق هي بخير...
ولا أخفي عليك الحقيقة.. انها لن تعيش كـــ غيرها من الأسوياء...

نكس الوالد رأسه ألماً وترقرق الدمع في عينيه...

قال له الطبيب: اشكر الله أنها لا تزال على قيد الحياة
فـــ هذا ما هو الا ابتلاء من الله يمتحنك به... فكنّ مؤمناً بما كُتب لك...

.
.
.
.

لا تزال صفحات الزمن تتقلب...
وها هي الزهرة تفتحت وسط دلال يحيط بها من كل جانب...
وما أن تطلب شيء حتى تجده ماثلاً بين يديها

.
.
.
.

في وسط هذه العولمة... غاصت تلك الزهرة وسط غمار الشبكة العنكبوتية...
فتعرّفت على عالم آخر... عالم جعلها تعيش فيه انسانة أكثر تفاؤل...
عالم تستطيع فيه حروفها أن تنطق وكلماتها أن تصرخ... ومشاعرها تجتاح الوجود...

أحبّت ذلك العالم... فهو جعلها تحلّق من جديد وكأنها وُلدت للتو...
فـــ أصبحت تقضي فيه جُلّ وقتها...

.
.
.
.

التحقت باحدى المنتديات...
فـــ وقعت عيناها على كتابات كأنها أنهار تسير على صدر السطور بعذوبة وسحر
ربما هي أنهار السلسبيل أو الكوثر تجلّت في حضرة تلك الحروف...
استولت على اهتمامها... وباتت كل يوم تغرف منها حتى الثمالة...
فـــ قرأت وقرأت...
حتى شعرت أنها لا تستطيع أن تغض ناظريها عنها فـــ لقد أدمنتها
... وكأنها تعرف كاتبها منذ الأزل ...

تمنت أن تقترب من صاحبها أكثر...

فـــ شاءت أن يتسلّط ضوء الشمس على هذه الأمنية...
فـــ تكسّرت الحواجز بينهما...
فـــ كتبت له تجاريه نفس العذوبة...
وكتب لها... فـــ أحبته... " وأحبها "

وبقيت كلمة " أحبكِ "
التي كتبها لها أول مرة تدغدغها... وتعبر بها مدن الأحلام... كلما تذكرتها...

تبادلا كتابات الحب... وخلّداها لكل العشاق...
لـــ ينهلوا منها كلمات العشق السحرية وتكون أفيوناً لهم...

كتابات حب... كتبتْ فيها شفافيتها ورسمتْ أحاسيسها بنبض قلبها...
وراحت تمرر ريشة شريانها بطهر وصدق...

.
.
.
.

ذات يوم وحين كانا يتحادثان " مسنجرياً "
طلب منها أن يحادثها هاتفياً لـــ يسمع صوتها الذي لـــ طالما حلم به...
اعتذرت منه... فـــ تقبل الأمر كونها قدّمت أعذار لا مناص منها

.
.
.
.

لا زال الزمن يسطّر كتاباتهما بـــ الاستثناء من حياتهما
على سطور حمراء تتغلفها الأحاسيس المخملية والدفء والانسجام...

.
.
.
.

ما بين رسائل الحب ومحادثات المسنجر...
توطّدت أواصر علاقتهما... فـــ كانت كلمات الحب هي شاهداً عليهما

.
.
.
.

أعاد طلبه لـــ المرة الثانية بـــ محادثتها هاتفياً قائلاً:
بأن كل العشاق يسمعون أصوات بعضهم البعض...
ولكي لا تكوني مجرّد سراب عرفته في هذا العالم...
فـــ إنّ كنتِ خائفة من والدكِ... فـــ بإمكاني أن أهاتفكِ...
فقط أعطني الرقم وأنا سأتولى أمر الباقي...

كتبت له: لا أستطيع... أرجوك قدّر موقفي...
كتب لها: أريدكِ زوجةً لي... وأقسم على ذلك صادقاً... ألا تثقين بي...

لم تعرف ما تكتب له... فلقد باتت وليدة الصدمة...

كتب لها: أتقبيلن بي زوجاً ؟؟؟
كتبت له بعد بضع لحظات صمت: لا تتسرع فهناك الكثيرات من هن أفضل مني...

: لكني اخترتكِ أنتِ... ولا أحد سواكِ...

لم تعرف ما تجيب فـــ توقفت مرة أخرى عن الكتابة...

فكتب لها متسائلاً: أتحبينني ؟؟؟!!!
كتبت له: أنت تعلم بأني أحبك بـــ ملىء جوارحي...
: اذاً... اقبلي بي زوجاً !!!
فـــ أنا أحبكِ ولا يمكنني العيش من دونكِ...
وهذه ليست هرطقة وانما هي الحقيقة التي أودها أن تجد النور بالقبول...
أرجوكِ لا تردي طلبي فـــ أنا أحبكِ بعمق..
وهذا النابض داخل ضلوعي شاهداً على ما أقول...

حاولت كفكفة دموعها التي تساقطت على وجنتيها كـــ سيل عارم...
فـــ كتبت له: أرجوك افهمني...

دُهش من معاملتها هذه .. فـــ تحطم " قلبه "
إذ أنه لم يتوقع ردة فعلها هذه... وشعر بـــ أنها لا تحبه كما يفعل...
ولأنه استشعر بـــ المهانة أمامها أيضاً كتب بألم:
أنا آسف لن أعيد طلبي مرة أخرى...
فـــ على ما يبدو أني أحببت مجرّد خيال... أعذريني الآن فـــ لدي أمر طارىء...

حاولت أن تمهله لكن محاولاتها باءت بـــ الفشل...
فـــ خرج وبقيت وحيدة تصارع ما ألمّ بها...
وتستعيد ما دار في تلك المُحادثه وهي تهمل الدموع

وضعت وجهها على كفيها وتمتمت مع نفسها قائلة:
ماذا تريدني أن أقول لك ياحبيبي ؟!!!
هل أخبرك الحقيقة ؟!!!

... أوااااه ما أصعب الموقف ...

.
.
.
.

فتحت صفحة الرسائل لـــ تكتب له رسالة تغلفها بـــ ألمها

فـــ كتبت... حبيبي.....

ماذا أكتبُ لك في هذه السطور ؟!!!
هل أكتبُ لك بـــ أني كبرتُ وأنا ورقة ذابلة تنصلت منها كل الأحلام
التي عبرتها بـــ أقدام الطفولة الحافية على أشواك الزمن...
وأنا لا أزال أتجرعُ الغصات الممزوجة بـــ الملح والألم...

كبرتُ وأنا أرى نفسي أختلف عن قريناتي...

كبرتُ وبـــ داخلي لا تزال أمنية مقيدة لا تستطيع إحلال القيود عنها
لـــ تشرق عليها أشعة الشمس وتخرج من الظلمات إلى النور...
كبرتُ وعقارب الساعة تلدغني وتجرف آمالي لـــ العدم...
لم أعد سوى صورة لـــ هيكل... ترتسم عليه إبتسامة من ألم...
احترق كل ما أحببت مذ أدركت واقعي...
لم يعد لي سوى دمع وقلم يصبراني في محنتي التي أنا فيها...
لم يعد في الدرب سوى أكاليل الأحزان والحرمان...
كبرتُ وأنا أرى موقعي بين اليأس والعدم... وأحاول دائماً التظاهر عكس ذلك...
فـــ حياتي فيما مضى ليست سوى نزيف المسافات من عمري...

والآن...

عندما عرفتُ هذا العالم وعرفتك شعرتُ بأن الدنيا ابتسمت لي من جديد...
حتى مشاعري أتقنتْ فن النطق لديك... فـــ أصبحتْ مشاعري ناطقة بحبك...
نعم أحببتك أكثر مما تعي ووثقتُ بك أكثر مما تستطيع أن ترسم حدود التصور...
فـــ أنت جعلتني أحلق بعيداً عن ألمي... حتى أني تناسيته وما عدتُ أشعر به...
فـــ ازددتُ بك حباً...

وها أنا ذا الآن أشعر بـــ أني أنهض من الموت لـــ أستيقظ في كفن هذا الحب...
فـــ أنا أعترف لك بـــ أني أخفيت الحقيقة... وتنكرت لـــ واقعي...
ليس لـــ شيء... سوى أني " أحبك "

فما لا تدركه أن حبيبتك " خرســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــاء "

فـــ سامحني فـــ أنا لم أقصد أن أخفي عنك هذا...
ولكني تناسيتُ ما بي عندما أخذتني لـــ أبحر في شواطىء مدنك
وأهديتني القطعة الحمراء التي تنبض في صدرك...

ولكن...

كيف ثم كيف لـــ إنسان أن يتنصّل من واقعه ؟!!!


سامحني يا " حبيبي "
لأن حبيبتك ليست سوى " خرســــــــــــــــــــــــــــــاء "

.
.
.
.

أرسلتْها له... ولا تزال الدموع تسجّل نفسها فوق صفحات الوجنات...

.
.
.
.

وانتحر الزمن... بـــ انتحار الدموع

.
.
.
.

امحي كل ما حولك... واكتب نفسك في السطور فـــ إنها أصدق الكلمات

خلف جدار الصمت...




مما لامس الوجدان



كل الود والورد لـــ كل من مرّ من هنا

ابوالنور
2012-02-05, 22:22
تحياتي العطرة


موضوع رائع



ماننحرم من زوئك الرفيع

مع خالص شكري وتقديري

لمواضيعك الرائعة



ابوالنور

حنين
2012-02-27, 07:44
http://i68.servimg.com/u/f68/14/68/31/37/41868-10.gif
راقت لي جداً

ابراهيم ابومويس
2012-03-18, 09:54
يسلمووو ساندي
موضوع رائع
دمتي مبدعة ومتميزة

كل احترام وتقدير لكي
تقبلي المرور

ساحرة القلوب
2012-03-19, 18:23
يا الله
كم شدتني القصه
انهارت أعصابي من قراءتها
وكانني داخلها
شكرا ساندي