السياحة في فلسطين: تتحسن في الضفة وتتدهور في غزة
حسب مؤشرات النصف الأول من العام الجاري
السياحة في فلسطين: تتحسن في الضفة وتتدهور في غزة
يشكل العامل السياسي لبنة رئيسية لازدهار ونمو أي من القطاعات في المجتمع، سواء الاقتصادية منها، أم الاجتماعية أم حتى الثقافية، والسياحة كمصدر دخل للدول، وعمود فقري لنشر الثقافة والحضارة، وتوثيق العلاقات بين المجتمعات وجلب الاستثمارات، فقد ازداد الاهتمام بها في العقود الأخيرة بشكل كبير، حيث إن واضعي السياسات أدركوا مليًا أهمية توفير الظروف الملائمة لجلب السياح لبلدانهم. ولأن الاستقرار والهدوء يمثلان ركيزتين أساسيتين في هذا المقام، فأن المنطق يقول إن قطاعات السياحة تترهل وتضعف في البلاد التي تعاني من الحروب والحصار والعنف الداخلي، وهو مثال حديث العهد نسبيًا على الساحة الفلسطينية.
فنتيجة عدم الاستقرار السياسي والإجراءات الإسرائيلية على الأرض، لم تتمكن السياحة في الأراضي الفلسطينية من تحقيق ذاتها، بل بقيت معتمدة إلى حد كبير على المواسم الجزئية، المتصلة بوقائع سياسية يتحقق خلالها الهدوء النسبي، وهو ما يمكن تلمسه بوضوح من خلال الإطلاع على الأرقام الصادرة عن الجهات والمراكز التي تعنى بقطاع السياحة في الأراضي الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة.
كوابح على السياحة في الضفة وغزة
بشكل عام، الاحتراب الداخلي الفلسطيني، وانفصال الضفة الغربية عن قطاع غزة، جعل الحديث عن قطاع السياحة في فلسطين يدور عن جزئيين منفصلين، لكل منهما ظروفه وعوامله ووقائعه، فغزة التي تتعرض لحصار منذ نحو عامين، قطاع السياحة داخلها يذوي، وبخاصة أن المعابر التي تشكل بوابات القطاع على العالم الخارجي مغلقة منذ فترة طويلة.
وإن كان القطاع يعاني من الحصار، فحال الضفة الغربية ليس بأفضل كثيرًا، فالحواجز الإسرائيلية تمزق البلدات والمدن، والتوغلات الإسرائيلية لم تتوقف البتة، والاستيطان والجدار، والطرق الالتفافية تنهب الأراضي وتدمر المواقع التاريخية.
لكن على كل الأحوال يبقى وضع الضفة أفضل بقليل من غزة التي تحولت إلى ما أشبه بالأنبوب المغلق. واعتمادًا على المعطيات التي أصدرها مركز الإحصاء الفلسطيني بمناسبة اليوم العالمي للسياحة 27/9/2008. يتبين أن قطاع السياحة في الضفة شهد تحسنًا طفيفًا، بينما طرأ تدهور عليه في غزة خلال النصف الأول من هذا العام.
الواقع بلغة الأرقام
وتظهر الأرقام الصادرة عن مركز الإحصاء الفلسطيني أن الطلب السياحي في فلسطين خلال النصف الأول من عام 2008 شهد تحسن ملموس في واقع قطاع السياحة من جانب الطلب السياحي في الأراضي الفلسطينية، مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق، فقد بلغ عدد النزلاء خلال النصف الأول من العام 2008 في فنادق الأراضي الفلسطينية 213,317 نزيلاً، بارتفاع نسبته 71% مقارنة مع ذات الفترة من العام السابق، كما بلغ عدد ليالي المبيت 531,701 ليلة.
وعند مقارنة بيانات النصف الأول من العام الحالي بذات الفترة من عام 2000 التي شهدت ارتفاعا ملحوظاً بعدد النزلاء وليالي المبيت، ثم تلتها سلسلة من الانخفاضات، بسبب الإجراءات العسكرية للاحتلال الإسرائيلي خلال انتفاضة الأقصى، امتدت حتى العام 2007، يلاحظ التحسن الذي طرأ في مؤشرات النشاط الفندقي في محافظات الضفة الغربية، حيث تجاوز عدد النزلاء عما كان عليه في عام 2000 بما نسبته 18%، أما في محافظات قطاع غزة فقد انخفض العدد بنسبة 90%.
بيت لحم في الصدارة
واللافت للنظر إن المعطيات تبين كذلك أن محافظة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، تعتبر أكثر المحافظات استقبالا للسياح الأجانب، حيث بلغت حصتها نحو 66%، من عدد الزوار الكلي البالغ نحو 768,665 زائراً وافداً خلال النصف الأول من هذا العام، مقابل 335,876 خلال ذات الفترة من العام السابق.
ولكن تمتع مدينة بيت لحم بالصدارة، يمكن إرجاعه لأهميتها الدينية بالنسبة للكثير من مسيحي العالم، كونها تحتضن كنيسة المهد، مسقط رأس سيدنا عيسى عليه السلام، ولذلك فهي نقطة جذب سياحية رئيسية في فلسطين، وتهفو إليها سنويًا أنظار المؤمنين الوافدين إليها من شتى بقاع الأرض.
