عندما تحوّلت أسماؤهم نقمة

أسامينا شو تعبو أهالينا تلاقوها وشو افتكرو فينا... فعلاً صدق جوزف حرب في كلماته. يبحث الأهل كثيراً عن اسم مناسب لأولادهم، ويسعون إلى اختيار الأفضل لهم، لكن ليس دائماً، فأحياناً يطلقون أسماء غريبة تثير الضحك أو ربّما التعجّب. فهناك الأسماء التقليديّة وهناك أخرى غريبة وفريدة، وهناك أسماء ذات معانٍ جنسيّة أو تحمل تفسيرات ساخرة ومضحكة.

هذه الأسماء تكون في كثير من الأحيان عبئاً على حامليها، الولد البكر يتحمّل دائماً وزر حمل اسم جدّه، فيصبح هو عطا الصغير أو جرجي أو حتى عبدالله ومطانيوس أو غيرها من الأسماء التقليديّة. كذلك على الفتاة أن تكون نسخة عن والدة الأم أو الأبّ فتصبح صورة عن نجاة أو لبيبة أو سليمة... لكن الأقسى هي تلك الأسماء النادرة والفريدة والتي تحمل في طيّاتها معاني جنسيّة.

لبيبة امرأة في سنّ الأربعين، تزوّجت منذ عشر سنوات، ولجأت وقتها إلى تغيير اسمها، لئلا يناديها الكاهن به يوم زفافها. وأصبح اسمها ليلي. مطانيوس لم يغيّر اسمه في دوائر النفوس، ولكنه معروف بطوني، فوقْع هذا الاسم أقل وطأة على السمع من مطانيوس، والأمثلة كثيرة... فلأي أسباب يختار الأهل أسماء أولادهم؟ وكيف تؤثر هذه الأسماء في اندماجهم مجتمعياً؟

تقول المحلّلة النفسيّة والأختصاصيّة في علم النفس العيادي زينة زيربيه لـ"النهار": "إن الأسماء التي يطلقها الأهل على أولادهم غالباً ما تحمل رمزيّة ما، وترتبط بالإرث المعنوي، وتدلّ على الانتماء العائلي، فمن الممكن أن يحمل الطفل اسم أحد الأجداد، أو ربّما اسم أحد النجوم المعروفين، حتى الأسماء الغريبة أو تلك التي تحتوي على دلالات جنسيّة، والتي غالباً ما تكون أقل شيوعاً وندرة. فهي ذات دلالات تاريخيّة ومعانٍ نفسيّة، قد تدفع الفرد إلى الخجل من مناداته بها. الأهل يطلقون هذه الأسماء على أطفالهم لأنهم إمّا يرغبون في تجسيد الشخصيّة التي يحبّونها في أولادهم، أو لأنهم لم يكونوا راغبين في الإنجاب لسبب ما فيطلقون على الطفل اسماً مماثلاً".

وعن مدى اندماج الإنسان في المجتمع استناداً إلى الاسم الذي يحمله، تردّ زيربيه: "خجل الإنسان أو فخره بالاسم الذي يحمله مرتبط بكيفيّة تعاطي أهله مع الاسم والدعم النفسي الذي قدّماه له. الأمر، إذاً، يرتبط بكيفيّة تعاطي الإنسان مع هويّته، وكيفيّة تحصين الأهل له، ومساعدته في الدفاع عن نفسه والردّ على كلّ التعليقات، أو ربّما العثور على لقب لاسمه. أمّا الشخص الخجول من اسمه فهو شخص يعاني قلّة ثقة بالنفس، ولا يدري كيفيّة التعاطي مع هويّته الفرديّة. المهم أن يكون الاسم متبنى من الوالدين، وأن يكونا مقتنعين وفخورين به، كي لا يخلق التباساً لدى حامله".

لا تنفي زيربيه تأثير المجتمع والرفاق على الإنسان أيضاً، وتقول: "لا يمكننا أن نحمل كلنا اسماً جميلاً يرضي المجتمع، لا يمكننا أن نكون مقيّدين إلى هذه الدرجة. هذا نوع من السطحيّة. يمكن الفرد أن يحمل الاسم الذي يريد، وعلى المجتمع أن يتقبّله ويحبّه لشخصه فقط. وهنا تبرز مسألة الإصلاح الاجتماعي. فمن الممكن أن يكون الاسم جميلاً ولكن المحيط لا يتقبّل الفرد لشخصه، والعكس صحيح، الاندماج الاجتماعي مرتبط بشخصيّة الفرد أولاً. أمّا الخجل من الاسم فمرده نفسي".

أمّا أسباب تغيير الفرد لاسمه، فهي بحسب زيربيه متعدّدة ومنها: "قد يلجأ الإنسان لتغيير اسمه لأسباب عدّة منها كيفيّة تعاطي الأهل مع اسمه خصوصاً إذا كان أحد الوالدين لا يحبّ الاسم ويتعاطى معه من باب النفور، وهناك تبني الفرد لاسمه ولهويته الفرديّة. فهناك أشخاص قد يخجلون من اسمهم لارتباطه بهويّة معيّنة، أو بيئة معينة، وهناك أيضاً من يغيّرون أسماءهم لدواعي العمل خصوصاً أن كثيراً من الشركات الأجنبيّة تضع الإنسان الذي يحمل اسماً عربياً ودينياً في المرتبة الثانية عند اختيار موظفيها، ولو كان لديهم كلّ المعايير المطلوبة للوظيفة".
شبكة البلد - الأربعاء 23 / 12 / 2015 - 08:22 مساءً     زيارات 1058     تعليقات 0
عرض الردود
أضف تعليقك