ازمة اخلاق ...

تذكرت اليوم موقفا اخلاقيا جميلا ,, عكس صورة ما كانت عليه تربيتنا , تلك قصة حقيقية عشتها وعاشها زملائي في زمن ليس ببعيد , ولكنه اذا ما قارناه بما نحن عليه اليوم , فهو عالم آخر , جذوره راسخة في الارض تلفها قيم الاحترام والشهامة والرجولة , وجذوعه شماء تناطح الجبال الاشم عزة وكبرياء , ومع كل هذا تنساب اوراق اغصانه رقة وعذوبة وحياء , قيم بتنا نفتقدها في ايامنا هذه ولا نرى لها اثرا بعين ,,

بعد انتهاء المحاضرة الاولى صباح يوم ثلاثاء , كان لي صديق يدرس في كلية الهندسة في جامعة النجاح الوطنية بنابلس ...
وكان من عادتنا ان نضع كتبنا في اماكن معينة نعرفها , ونذهب سويا لتناول وجبة الافطار او احتساء كوب من الشاي , ثم نعود اليها عند الانتهاء لنجدها في مكانها , فيأخذ كل منا كتبه ونتحرك الى قاعات الدروس حسب البرنامج المعروف لدينا .

كان هذا الثلاثاء مختلفا , لا لأمر عسير , بل لمجرد ان فتاتين جلستا امام حقيبة صديقي هذا , فجلعلتاها خلفهما , وعليه فلا يمكنه الوصول لحقيبته الا بنهوضهما من مكانهما , وقد حان موعد المحاضرة, فاحمر وجه صديقي خجلا , واحتار في امره هل ينتظر بعض الوقت , ام يطلب من الفتاتين النهوض ليأخذ حقيبته , فآثر الانتظار حتى لاتشعران بأن له من وراء ذلك مآرب اخرى , و رغم انني قمت وزملائي بتحريضه على طلب اغراضه , وبينا له ان الامر ليس فيه التباس , الا انه ابى وانتظر حتى ساعة من الزمن او يزيد ....

ان ما دفعني لتذكر هذا الموقف هو ما رايته اليوم من مواقف وردود على( مشهد فيديو) , انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي , يظهر فيه تعرض فتاتين من عمان للشتم والاحتقار والاستفزاز , وكل انواع التحدي اللاأخلاقية من احد الباعة في السوق ... لا لشيء الا لان احداهن أركنت الى كرسيه الفارغ على جانب الطريق ...

ولان هذا المعتدي اطال لسانه وحاول التحرش بهما واستعرض عضلاته على طريقة ( البلطجية ) ,, قامت احداهن بالرد عليه بان قذفت شيئا كان بيدها عليه ...
لم يكن تصرف المارة لما يجري في المكان بالشكل الذي يجب , و المفارقة ان احدهم رجل امن كان وجوده كما عدمه ,, لكن المفاجئة الاكبر كانت ردود الغالبية العظمى ممن شاهدو الفيديو وعلقوا عليه , واكثرهم من الفتيات, يمدحون المعتدي ويلومون الفتاة بحجة انها كانت تقف بطريقه (غير مؤدبة ) لا لشي الا لانها في تلك الاثناء قد توقفت لبرهة لا تتعدى ربع الدقيقة تفاصلا و رفيقتها بائعا متجولا عرض بضاعتها عليه ...

لربما نتفهم  ردود افعال الفتيات , لان من طبع النساء الميل الى الغيرة والكيد لبنات جنسهن ,, ولكن الامر الاكثر مرارة هو موقف بعض اصحاب الشنبات الاستعراضية , الذين اعربوا عن تمنيهم صفع الفتاة على وجهها...لانها ردت على المسيء بما يستحق !!!
فأي قيم بتنا نحمل ؟؟
وأي اخلاق تربينا عليها ؟؟
وأي رجولة تلك التي بات يحملها ذكور الجيل الناشيء؟؟
شبكة البلد - داود ابومويس - الثلاثاء 1 / 08 / 2017 - 03:34 صباحاً     زيارات 1920     تعليقات 0
عرض الردود
أضف تعليقك