نعاني في وطننا العربي من الامية المقنعة التي تلتحف بنسبة عالية من حملة الشهادات العلمية في مجالات عدة ، دون ان يكون لهذه الشهادات فيزيائية يمكن ادراكها او ملامسة اثارها على ارض الواقع .
لقد اصبحت المنافسة في مجال العلوم في عالمنا العربي لا تتجاوز النجاح الزائف الذي يعتمد على الكم دون الكيف ، ويبني على المظهر دون الجوهر ، فانتشرت الجامعات والمعاهد والمؤسسات العلمية بكثرة ، وصدرت عنها الشهادات في تخصصات كثيرة ، غالبها ذات طابع نظري ، في الوقت الذي لا تقدم هذه الجامعات وان اجتمعت من البحث العلمي او الابتكار ما تقدمه جامعة مغمورة واحدة في الدول المتقدمة او الطامحة للتقدم .
وبينما تصرف الدول والحكومات ودور البحث النسبة الاكبر من موازناتها على البحث العلمي والابتكار ، ورعاية العلماء واكتشاف المواهب ، وتبني المبدعين ، لا نجد في عالمنا العربي موازنة تتجاوز ال 1% من موازناتها الاجمالية، في الوقت الذي تذهب فيه اغلب تلك لموازنات على المصروفات اليومية الاعتيادية التي لا تصب اصلا في جوهر البحث او الابتكار العلمي .
تراجعت اهمية العلم والمعرفة ، لصالح اللقب الذي يمنحه لصاحبه ، وارتبطت قيمته بالمهنة او الوظيفة المرتبطة به، حتى اصبحت الشهادة وسيلة للكسب المادي " للمتعلمين " ليس اكثر ، فكان حتما ان نصبح والحال هذه ، مجتمعات استهلاكية ،ليست لديها ادنى مقومات القدرة على الانتاج والابتكار ، فتراجعت الصناعة والتجارة والثقافة والادب والاعلام وغيرها .
العلم هو السلاح الاقوى الذي لا يمكن لاي امة ان ارادت ان تجد لها مكانا بين الامم الا ان تتمسك به ، وهو العماد الذي قال فيه الشاعر ... العلم يبني بيوتا لا عماد لها والجهل يهدم بيت العز والكرم ، وهذا ما تلخصته الكلمة الشهيرة التي قالها وزير الاحتلال الاسرايلي عندما هزم جيشه دولا عربية عديدة في العام 1967 خلال ساعات فقط ، وبعد ان خطى اولى خطواته في القدس صرخ مبتهجا باعلى صوته : "لقد هزمنا معلميهم".