إن من السُّنّة إعلان النكاح، والوليمة عليه، والضرب عليه بالدفوف للنساء، وكل ذلك وغيره؛ من أجل أن يسعد الزوجان، ويسعد أهلهما بهما، وفيه نشر للفطرة، وتأكيد على مسارها الصحيح،ولكن إعلان الفرح يجب ألا يتعدى الحدود إلى الإسراف في الدعوة، ولا الإسراف في الولائم، ولا التباهي والتفاخر بالتوسع فيما لا يحسن؛ بل لا يجوز من حفلات غنائية صاخبة، أو ضرب للنار بالرشاشات والبنادق والمسدسات في وجود الناس دون مبالاة بأرواحهم.
هنالك مقاطع من الفيديو في أعراس مختلفة، في أحدها قتل شابٌّ عمَّه، وجرح أحد الضيوف، وطفل أخذ المسدس من والده في عرس آخر وقتله به فورًا، وحوادث أخرى؛ منها ما وقع داخل إحدى قاعات الأفراح؛ حيث تسببت رصاصة انطلقت أثناء عبث أحد الحضور بسلاحه في مقتل طالب تخرج في المرحلة الثانوية، وأنهى اختباراتها قبل أسبوع من وفاته، وكان ضحية الطلقة الأخرى طالب آخر، كان ينتظر تسلم شهادة التخرج في صباح اليوم التالي.
وفي إحدى البلدات تُوفي شاب في أحد الأفراح بعد أن اخترقت رصاصة طائشة ظهره لتخرج من صدره أمام أقاربه والمدعوين.وفي محافظة أخرى اخترقت شظية نارية ساق فتاة في الخامسة عشرة من عمرها وهي داخل منزل أسرتها؛ حيث فُوجئت بالإصابة بعد مسيرة فرحٍ صَاحَبَها إطلاقُ نارٍ كثيف بمناسبة زفة أحد العرسان، وذلك أمام مرأى والدتها.. والحوادث أكثر من أن تُحصى!فكيف إذا كان القتيل هو العريس نفسه؛ حيث يتحول مشلح العرس إلى كفن له، ويتحول عش الزوجية الذي ينتظر شقشقة الأطيار، إلى قبر مظلم، نسأل الله أن يجعله على كل مسلم بردًا وسلامًا وضياء.
ماذا بعد هذه الحوادث؟ ولماذا تستمر؟ ومن المسؤول عن تكرارها؟
هل إلى هذا الحد أصبح مجتمعنا ضعيفًا، غير قادر على إنهاء مظاهر العادات البالية، التي تشوّه وجه أمننا الوارف، وتعكر صفو أفراحنا التي نزف فيها أحبابنا، ونحقق فيهم آمالنا؟!
هل فعلاً لا نسعد إلا إذا سمعنا إطلاق الرصاص، وأزعجنا المدعوين وخوفناهم بدلاً من أن نسعدهم؟ هل أصبحت أرواح أحبابنا ومن خصصناهم بالدعوة رخيصة إلى هذا الحد الذي يحجب أمام أعيننا التفكير المتعقل قبل أن نضغط الزناد؟
الى متى سنكتب في هذا الموضوع؟
بقلم : الشيخ محمود ابو الطيف – رهط