تيماء ,, وليلتها السوداء

تيماء ابنة الوادي السحيق , تعيش بين جنباته المتعرجة , لا تخرج منه ليلها , ولا ترى ما بعده نهارها .

هكذا كان ما مضى من حياتها , تتنقل بين انثناءات الوادي , ترعى به اغنامها , حيث الماء والكلا الوفير .

لم تجد تيماء ما يدفعها لأَن تفارق المكان , فهنا ولدت وهنا ترعرعت , وما زالت كذلك ولا ترى له بديل .

كان الوادي الذي تعيش فيه تيماء مليء بالافاعي و الحيات , وكان الناس يتحاشون
المرور منه خوفا على حياتهم , ولكن تيماء اعتادت حياتها وابت الا ان تبقى
في المكان , حتى جاءت ليلة سوداء , سمعت فيه ثغاء اغنامها , فراحت تستطلع
الامر فاذا به ثعبان كبير يلتف على احداها , تحاول الافلات منه دون جدوى .
ارادت تيماء مساعدة غنمة تمكن منها الثعبان ,والتف حولها حتى كادت تختنق ,
فحاولت تخليصها مما هي فيه , بما وقع بيديها من حصوات واخشاب , لكن غضب
الثعبان زاد , وفحيحه ارتفع , ثم استدار نحوها , وهم بها لولا انها ادركت
دنو اجلها , فدفعتها غريزة حب البقاء للهرب بكل قوتها , لقد جعلها الخوف
على حياتها تركض بعيدا عنه وكانها تتطاير بكل سرعتها , الى ان ارتقت قمة
الجبل .

باتت تيماء ليلتها هناك , ولكنها لم تعتد يوما على الخروج من الوادي السحيق ,فلم يغمض لها جفن , ولم تنفك عن التفكير بمصيرها ان هي
هجرته , فلم تجد بدا من العودة اليه نهاية الامر .

وما ان بزغ الفجر التالي , وقد سمعت تيماء اولى تغاريد العصافير , وبدت الارض من حولها
تتمايز طياتها , حملت جسدها المنهك بالتعب والنعاس , و عادت الى حيث اعتادت
ان تعيش , وقد استطاعت ان تدفن مخاوفها , وتتغاضى عن المشهد الذي راته بام
عينها , وتناست انها تسير الى حتفها بارادتها ووعيها .

وصلت تيماء الى المكان الذي عاشت به , ولكنها لم تجد اغنامها , فقد نفقت جميعها
اختناقا بفعل الثعبان الكبير , فكانت صدمتها كبيره والمها اكبر , واعجها
حزنها عن التفكير بما هو ات , فافترشت الارض وحاولت اخذ قسط من النوم ,
لتعوض بعض ما فاتها من الليلة السابقة , ولكن و ما ان اطبقت جفنيها على
عينيها حتى انقض عليها الثعبان , فكان مصيرها المحتوم .

داود ابومويس
شبكة البلد - الخميس 2 / 04 / 2015 - 12:29 صباحاً     زيارات 1591     تعليقات 0
عرض الردود
أضف تعليقك