امس وحيث كان الوقت ظهرا وبينما كنت امر بمركبتي في الطريق العام من طوباس الى جنين ، اوقفت مركبتي لسيدة يبدو انها في الستين من العمر تقريبا.
وعندما صعدت السيدة الى السيارة ، حمدت الله وشكرتني ، وقد وكان التعب باديا عليها و تحدثني بحرقة عن وقوفها لاكثر من ساعه من الزمن على جانب الطريق ظهر يوم من ايام رمضان ، توميء لاي مركبة تمر كي تحملها ، فيما لم يستجب اي من السائقين لطلبها بالتوقف على طريق تعبره مئات المركبات في الساعة .!!!
وقالت " يا امي انا تعبت من الحرارة والدنيا رمضان وطلب مني المكتب مقابل ان يوصلني 25 شيكل ووالله ما معي لا 25 ولا اكثر ولا اقل" ، وكانت تبدو بحالة يظهر عليها التعب والاسف ، وكأن الدموع تقف في عينها حرقة و خجلا !!
كلماتها وشكواها الى الله اوجعتني لما نحن عليه ، فهي قد تكون امي وقد تكون ام اي واحد منا ، وتتعرض لهذا الاعياء دون ان يساعدها احد من العابرين الذين يقودون مركباتهم الفارهة المكيفة ، ولعل البعض منهم يستمع خاشعا لاذاعة القرآن الكريم او يتابع درسا في الدين والاخلاق والعبادات ، فيما هو لم يمارسها فعلا واقعا .
عرضت عليها ان اقوم بايصالها حتى منزلها البعيد ، لكنها اكتفت بالنزول عند اول الطريق المؤدي الى قريتها وكانت تدعو الله لي باجمل الادعية الصادقة من كل قلبها .
هذا المشهد تكرر معي بشكل او آخر مرات كثيرة ، في الوقت الذي لاحظت انه للاسف ، هناك انعدام للقيم والاخلاق الحميدة التي يحثنا عليها الاسلام ، وما قد علمناه من القصص والتراث عن العطاء والايثار في صغرنا وفي مدارسنا ومساجدنا .
لم يطلب الله منا ان نترك الطعام والشراب او أن نؤدي مناسك وطقوس عبادات فحسب ، مع افتقارنا للانسانية والنخوة .
ومؤسف ان ارى اليهود المستوطنين على الطرق والحواجز يحمل بعضهم البعض بدون تردد ، فيما يقف ابناء شعبنا ، منهم سيدات كبار يحملن اطفالهن ، ومنهم عجائز وشيوخ مسنين ، لساعات طويله ، وتتجاوزهم الوف المركبات التي بقودها من يفترض انهم منا ولنا ، ولكن دون ان يلتفت ايا منهم او يكترث .
قد تقول انك حر بمالك ، هذا صحيح ، ولكن هل تنسى انه سيسالك الله عن كل ما اعطاك فيما انفقته وما الذي فعلته به ؟
الى متى سنبقى امة شعارات فقط ، فيما ممارساتنا بعيدة كل البعد عن القيم التي نتغنى بها ؟، الا تتذكر انك يوما ما كنت تقف على الطرقات تنتظر من يحن عليك ؟
وان لم يكن ذلك، فمن يضمن لك انك لن تتعرض لمثل هذا الموقف لاحقا ، اكنت انت او زوجك او امك او اي واحد من ذويك ؟
لقد هدرت انسانيتنا على الطريق ، تماما مثلما هدرنا كل القيم الجميلة والاخلاق الحميدة اينما تواجدنا ، ليس ذلك ابتداء من التدافع والتنازع في الازدحامات ولا ينحصر مروره بالقاء النفايات على الطرقات وفي الاماكن العامة ، ولا ينتهي الامر عند موضوعنا في هذا المقام .
الانسانية عطاء وايثار وليست مجرد شعارات نتغنى بها
الاسلام دين معاملة و منهج حياة وليس طقوس و حفظ ايات فقط
العروبة والرجولة نخوة وشهامة واقدام وليست حساب مصالح وحسب